Saturday, March 10, 2007

من أنت ؟



..أقف عند الإشارة الضوئية
..مشروع " شوبيز" على يميني .. ينتظر إقرار مصيره
أتساءل بيني وبين نفسي : أين هو السنعوسي يا ترى ؟ هل يقوم بتحضير "طبخة" جديدة ؟
..أنظر في المرآة العاكسة لأكتشف نقاشا حادا يدور في السيارة خلفي .. حبيبين أم زوجين.. لا أعلم .. لكن يبدو أن الاثنين وظفا ثقافة الجسد بشكل جيد شكلت فيها أيديهما دوائر ومثلثات في فضاء المكان
تمسك الفتيات في المركبة التي على يميني هواتفهن في أيديهن منشغلات برسائل يبعثها الشباب من السيارة الأخرى لربما عن طريق البلوتوث ..
يرحم الله أيام زمان .. الرسائل الغرامية الخطية ..تحل محلها اليوم تكنولوجيا الصخب ..
أنتبه على اللون الأخضر .. أنطلق بسيارتي ..
خرجت من المنزل لا أعلم إلى أين تأخذني ..
عادة ما أترك لها حرية الاختيار .. غالبا ما تنشأ بيننا وبين مركباتنا علاقة خاصة ..
علاقة حب متبادلة ..
نتحدث معها
ونعتذر منها ونقبل المقود إذا ما مررنا بشارع عفا عليه الزمن ولم تطأه تحسينات الأشغال ..
أعرج على قلب السالمية ..
تستوقفني الإشارة الضوئية مرة أخرى ..
أتأمل لوحة لأحدى الشركات .. " قروضنا شربة ماي "
الله يعين أصحاب القروض ..
..تستقر على يميني أحدث طراز للروز رايز .. أتأملها مرغمة
يجلس صاحبها دون أن يحرك ساكنا ..
..كمن يعلم أن من حوله يتطلعون بإعجاب .. فيزداد زهوا وخيلاء
..تذكرت كلام والدي
الروز رايز ما تفتحين ماكينتها إلا بعد سنة كاملة .. إسئلي مجرب يابوج ..إيه الله يعز ذيج الأيام -
اللون الأخضر ينذر بالتحرك السريع ..أكتشف فجأة أن هناك من يلاحقني
سيارة أوروبية الصنع ..
صاحبها يلبس نظارة سوداء تخفي عينيه ..
يلاحقني بهدوء تام ودونما إزعاج ..
بينما هو كذلك أقرر أن أتوقف عند مجمع الفنار ..
بسرعة أنزل وأسحب الوصل من يد العامل .. أسير باتجاه المدخل دون أن أتطلع للوراء ..
لكني وما إن ولجت للداخل حتى سمحت لنفسي أن أسترق النظر .. وإذا به يوقف سيارته ويسلمها للعامل أيضا ..
يبدأ قلبي بالخفقان بسرعة ..
قد لا يكون هذا الموقف الأول لكنه قطعا الأغرب في حياتي كلها ..
أسابق الزمن وأهرع للدخول لأقرب دورة مياه ..
تلاحظ العاملة ارتباكي .. ابتسمت محاولة درء مشاعري وخوفي ..
أحاول ترتيب هندامي .. وتعديل مكياجي ..
هل أخرج الآن ؟
ماذا لو كان بانتظاري ؟
من هو يا ترى ؟
هل يعرفني ؟ .. ماذا يريد ؟
أسئلة تتلاحق في رأسي
لكني أقرر الخروج بعد أن امتلأ المكان بفتيات يقهقهن بشكل مزري ..
رششت عطري .. وخرجت ..
أقف عند الحاجز المطل على الدور السفلي .. أتفحص المجمع .. هدوء نسبي
لا أثر له ..
أتنفس الصعداء ..
الآن أصبح بإمكاني التجول براحة ودون إزعاج ..
أختار الدخول لمحلي المفضل .. يتخذ من إحدى الزوايا ركنا له "GUCCI"
ربع ساعة تقريبا هو الزمن الذي قضيته فيه ..
واصلت بعدها رحلتي في المجمع صعودا ونزولا
أشعر بالارتياح وأنا أحمل أكياسا بيدي ..
شعور بالنصر حتى لو لم أكن بحاجة لمحتوياتها ..
أنتبه على رنين هاتفي ..
اضطررت أن أقف بجانب الحاجز كي أستطيع ركن الأكياس على الأرض ريثما أرد على إلحاح المتصل ..
هلا ماما-
....... إنتي وين-
بالفنار-
إنزين وإنتي رادة مري على إختج سونة إخذيها من بيت حصة زين -
.....
لا زالت أمي تنتظر ردي على الخط
لكن تجمدت شفتاي
وتصلبت قدماي
رأيته واقفا في الجهة المقابلة ينظر إلي ..
صوت والدتي لا زال هناك :
....... ليش ما تردين -
ها .. هلا ماما إي أنشالله راح أمرها -
أي زين لا تطولين-

أغلق الهاتف وألملم حاجياتي وأطلق الريح لساقي وعيناي تبحثان عن مخرج
أحسست كأني في سجن
أود الخروج لكن شي ما يسحبني للداخل
أحسست أني أختنق
اصطدمت بصبي صغير لحظة خروجي
تمتمت .. "آسفة حبيبي " ..
أحاول عبثا أن أجد وصل السيارة .. والعامل ينتظر
ها هي .. استعجله :

بسرعة لا تتأخر-

أنظر خلفي .. لا أجده
يا رب .. من هذا الشخص
ماذا يريد مني ؟ ولم لا ينزع هذه النظارة السوداء
أرقب المكان وأحاول استنشاق الهواء
هيا .. أين سيارتي ..
آه .. ها هي أخيرا ..
ألتفت مرة أخرى للخلف .. تفا جئت بخروجه المباغت ..
أنطلق نحو السيارة
أرمي بأكياسي على المقعد الخلفي
أراه يهرع بسرعة نحوي
قلبي كاد أن يتوقف عندما سمعته يناديني باسمي ..

............ وقفي لحظة .. لا تمشين-


أركب وأحكم قفل الأبواب ..
أفاجأ به وهو يضرب بيديه على زجاج النافذة
لم أستطع حتى تفحص ملامحه
يداي ترتجفان ..
كيف عرف إسمي
احتجت إلى معجزة كي أتجاوزه وأنطلق بسرعة ارتفع معها صوت محرك سيارتي
أنظر في المرآة
لأجده واقفا دونما حراك
ينظر إلى باقي سرابي
ابتعدت حتى اختفى
..لكنه قطعا .. لم يختفي من ذاكرتي